للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشفاعة المثبتة التي دل عليها الاستثناء، وجاءت بها الأحاديث النبوية، نوع آخر غير ما ظنه المشركون; وحقيقتها: أن الله تعالى إذا أراد رحمة عبده ونجاته، أذن لمن شاء في الشفاعة رحمة للمشفوع فيه، وكرامة للشافع، وقيدت الشفاعة المثبتة بقيود:

منها: إذنه تعالى للشافع.

ونكتة هذا القيد وسره صرف الوجوه إلى الله، وإسلامها له، وعدم التعلق على غيره لأجل الشفاعة، ولذلك يساق هذا بعد ذكر التوحيد، وما يدل على وجوب عبادة الله وحده؛ وهذا الموضع لم يفهمه كثير من الناس، ظنوا أن الاستثناء يفيد إثبات الشفاعة مطلقا، وطلبها من غير الله، فعادوا إلى ما ظنه المشركون وقصدوه، قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [سورة يونس آية: ١٨] . ومنها: أنه لا يشفع أحد إلا فيمن رضي الله قوله وعمله، قال تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [سورة النجم آية: ٢٦] ، وقال تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [سورة الأنبياء آية: ٢٨] ؛ ومن الآيات الخاصة بمن يدعو الملائكة وأمثالهم، قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} [سورة سبأ آية: ٤٠] الآية، وقال تعالى في شأن المسيح: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [سورة المائدة آية: ١١٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>