للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب ومدلولات الألفاظ، ومن ظن ذلك، فقد عرض له ما يعرض لمن ظن: أن الخفاف هو الذي عنده الخفاف الكثيرة، لا الذي يقدر على عملها، فقد يأتيه إنسان بقدم ليس في خفافه ما يوافقها، فيلجأ به إلى صانع الخفاف، فيصنع له قدر ما يوافقه.

وأما احتجاجه بسفر أبي بكر، فمن أعظم الجهل، لأنه قد قام بقلوب أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم من الغيرة لله ولدينه وعداوة أعدائه، وإزهاق النفوس في مرضاته، ومفارقة الآباء والإخوان والعشيرة، ما هو معروف، لا يخفى إلا على من أراد لبس الحق بالباطل. هذا سعد رضي الله عنه لما قدم مكة كافح أمية، وتوعده بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من قتله، وهو نازل عليه، فأغاظه ولم يبال به.

وهذه أخت عمر رضي الله عنه لما قال لها: أريني هذا الكتاب، قالت: إنه لا يمسه إلا المطهرون، ولم توافقه، وقد أدمى رأسها، ومع ذلك، قالت: كان ذلك - تعني الإسلام - على رغم أنفك; وكذلك أم حبيبة بنت أبي سفيان، طوت فراش النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها، فقال: بنية، أرغبت بي عن هذا الفراش، أو رغبت به عني؟ قالت: (بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رجل مشرك، نجس، فلا أحب أن تجلس عليه) ; ومثل هذا كثير من أقوالهم وأفعالهم، رضي الله عنه وأرضاهم.

والمقصود: أن لهم من الغيرة ما هو معلوم، ومصالح سفرهم للدين، والدعوة إليه ظاهرة، وحججهم على أعدائه

<<  <  ج: ص:  >  >>