للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين " يتعاقبون فيكم بالليل والنهار، فيعرج الذين باتوا فيكم إلى ربهم، فيسألهم وهو أعلم بهم " ١.

وفي الصحيح في حديث: " ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟ "٢ إلى غير ذلك مما هو من أبلغ المتواترات اللفظية والمعنوية، التي تورث علما يقينيا من أبلغ العلوم الضرورية، أن الرسول المبلغ عن الله ألقى إلى أمته المدعوين أن الله سبحانه على العرش، وأنه فوق السماء، كما فطر على ذلك جميع الأمم عربهم وعجمهم، في الجاهلية والإسلام، إلا من اجتالته الشياطين عن فطرته. ثم عن السلف في ذلك من الأقوال ما لو جمع لبلغ مئين ألوف، ولم يقل أحد منهم قط: إن الاستواء بمعنى الاستيلاء، أو تنفيذ الأحكام والتدبير.

والذين أولوا الاستواء بالاستيلاء، إنما حملهم على ذلك سوء أفهامهم ; حيث لم يفهموا من ذلك إلا التشبيه، ظنا منهم أن استواءه تعالى على العرش من جنس استواء المخلوق على ما يستوى عليه من الفلك وبهيمة الأنعام.

وخفي عليهم: أن استواء الله سبحانه وتعالى على العرش من جنس سائر الصفات الواردة في الكتاب والسنة، كوجوده تبارك وتعالى وعلمه وحياته وغير ذلك؛ فكما أن إثبات وجوده تعالى وعلمه وحياته لا يلزم منه مماثلة خلقه في الوجود والعلم والحياة، بل وجوده تعالى وعلمه وحياته


١ البخاري: مواقيت الصلاة (٥٥٥) ، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٦٣٢) ، والنسائي: الصلاة (٤٨٥) ، وأحمد (٢/٢٥٧، ٢/٣١٢، ٢/٣٤٤، ٢/٣٩٦، ٢/٤٨٦) ، ومالك: النداء للصلاة (٤١٣) .
٢ البخاري: المغازي (٤٣٥١) ، ومسلم: الزكاة (١٠٦٤) ، وأحمد (٣/٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>