تليق به وتناسبه وتختص به، فكذلك القول في الاستواء وسائر الصفات.
وهذا المحذور الذي زعموه وفروا من أجله من إثبات الاستواء، يلزمهم نظيره فيما ذهبوا إليه من الاستيلاء، أو تنفيذ الأمر والتدبير ; فإنهم إن أثبتوا الاستيلاء من جنس استيلاء المخلوقين وقعوا في نفس ما فروا منه ; وإن قالوا: استيلاء يليق بجلال الله وعظمته، فلأي شيء لم يثبتوا الاستواء ويقولوا استواء يليق بجلاله وعظمته؟ حتى يكونوا قد صدقوا الكتاب والسنة، ووافقوا في الاعتقاد ما أجمعت علية الأمة.
ولم يفهم أحد من سلف الأمة وأئمتها من قوله تعالى:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ}[سورة الفرقان آية: ٢] ، وقوله تعالى:{يُدَبِّرُ الأَمْرَ}[سورة يونس آية:٣] ما يدل على أن الاستواء بمعنى الاستيلاء بوجه من الوجوه. ويقرب من هذا تفسيره العرش في قوله:{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}[سورة هود آية: ٧] وغيرها من الآيات التي ذكر بالملك والحكومة.
وتفسيره قوله:{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ}[سورة الحاقة آية: ١٧] بأن ذلك كناية عن عظمة كبريائه، فإن هذا إنكار لحقيقة العرش، وإنكار لحملته، ودخول في مسالك المبتدعة المنكرين للصفات، فإنهم إنما أنكروه تذرعا إلى إنكار علو الله سبحانه على خلقه، واستوائه على عرشه.