تنقصون حظوظ أنفسكم بالمجانبة عن النساء، فهو خلاف ما دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن السنة دلت على منع الصائم أولا من النساء ليلة الصيام، ثم أباح الله ذلك وأنزل قوله:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ}[سورة البقرة آية: ١٨٧] الآية السابقة، كما في صحيح البخاري من حديث البراء بن عازب، قال: لما نزل صوم شهر رمضان، كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، الحديث.
فهذا ظاهر في أن الحل المذكور في قوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} أنه من بعد منع، وظاهر في معنى قوله تعالى:{تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} أي: بالجماع ليلة الصيام، ليس معناه تنقصون حظوظ أنفسكم بالمجانبة عن النساء.
وأما تفسيره قوله تعالى:{فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ}[سورة البقرة آية: ٢٦٠] بقوله: أملها، أي: اجعلها مائلة إليك، بحيث إذا تركتها تميل إليك، {ثُمَّ} بعد ميلانها إليك تعودها، و {اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً} أي: واحدا واحدا، فهو إنكار لما ذكره المفسرون من ذبح تلك الطير وتقطيعهن، وخروج عما دلت عليه الآية الكريمة من الآية الباهرة الدالة على قدرة الله تعالى على إحياء الموتى.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:{فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} : قطعهن، قاله ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير، وأبو مالك وأبو الأسود الدؤلي، ووهب بن منبه، والحسن والسدي وغيرهم.