مستعينا به، متبرئا من الحول والقوة، كان هذا أكبر الأسباب في حضور القلب، وطرد الموانع من كل خير. {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[سورة الفاتحة آية: ١] : اسمان مشتقان من الرحمة، أحدهما أبلغ من الآخر، مثل: العلام والعليم ; قال ابن عباس: "هما اسمان رقيقان، أحدهما أرق من الآخر"، أي: أكثر من الآخر رحمة.
وأما الفاتحة، فهي سبع آيات: ثلاث ونصف لله، وثلاث ونصف للعبد ; فأولها:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[سورة الفاتحة آية: ٢] .
فاعلم أن الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري، فأخرج بقوله: الثناء باللسان، الثناء بالفعل الذي يسمى لسان الحال، فذلك من نوع الشكر. وقوله: على الجميل الاختياري، أي: الذي يفعله الإنسان بإرادته، وأما الجميل الذي لا صنع له فيه، مثل الجمال ونحوه، فالثناء به يسمى مدحا لا حمدا.
والفرق بين الحمد والشكر: أن الحمد يتضمن المدح والثناء على المحمود بذكر محاسنه، سواء أكان إحسانا إلى الحامد أو لم يكن، والشكر لا يكون إلا على إحسان المشكور، فمن هذا الوجه الحمد أعم من الشكر; لأنه يكون على المحاسن والإحسان; فإن الله يحمد على ما له من الأسماء الحسنى، وما خلقه في الآخرة والأولى. ولهذا قال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً}[سورة الإسراء آية: ١١١] الآية، وقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ