وإنما أضيف إلى يوم الدين ; لأنه لا يدعي أحد هناك شيئا، فلا يتكلم أحد إلا بإذنه، كما قال تعالى:{يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفّاً لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ}[سورة النبأ آية: ٣٨] الآية.
و {يَوْمِ الدِّينِ} : يوم الحساب للخلائق، وهو يوم القيامة، يدينهم بأعمالهم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، إلا من عفا عنه، قاله ابن عباس وغيره من الصحابة والتابعين والسلف ; والملك في الحقيقة هو لله تعالى، قال تعالى:{لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[سورة الطلاق آية: ١٢] ، {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[سورة البقرة آية: ١٠٧] ، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[سورة الفاتحة آية: ٥] : العبادة في الشرع عبارة عما يجمع كمال المحبة، وكمال الخضوع والخوف; قال شيخ الإسلام، رحمه الله: العبادة أن يوافق العبد ربه فيما يحبه ويرضاه، ويحب في الله ويبغض في الله. قال العماد ابن كثير: وقدم المفعول وهو إياك، وكرر للاهتمام والحصر، أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا كمال الطاعة ; والدين كله يرجع إلى هذين المعنيين.
وهذا كما قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[سورة الفاتحة آية: ٥] : فالأول تبرؤ من الشرك، والثاني تبرؤ من الحول والقوة؛ وهذا في غير آية