إلى أن قال: على أن الصحيح في قوله: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[سورة البقرة آية: ١١٥] أنه كسائر الآيات التي ذكر فيها الوجه ; فإنه قد اطرد مجيئه في القرآن والسنة مضافا إلى الرب تعالى على طريقة واحدة ومعنى واحد، فليس فيه معنيان مختلفان في جميع المواضع، غير الموضع الذي ذكر في سورة البقرة، وهو قوله:{فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[سورة البقرة آية: ١١٥] ، وهذا لا يتيقن حمله على القبلة والجهة، ولا يمتنع أن يراد به وجه الرب حقيقة، فحمله على موارده ونظائره كلها أولى؛
يوضحه الوجه التاسع عشر: أنه لا يعرف إطلاق وجه الله على القبلة لغة ولا شرعا ولا عرفا؛ بل القبلة لها اسم يخصها، والوجه له اسم يخصه، فلا يدخل أحدهما على الآخر، ولا يستعار اسمه له; نعم القبلة تسمى وجهة كما قال تعالى:{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا}[سورة البقرة آية: ١٤٨] ، وقد تسمى جهة وأصلها وجهة، إلى أن قال:
وأما تسميتها وجها فلا عهد به، فكيف إذا أضيف إلى الله تعالى، مع أنه لا يعرف تسمية القبلة وجهة الله في شيء من الكلام، مع أنها تسمى وجهة، فكيف يطلق عليها وجه الله، ولا يعرف تسميتها وجها؟ !
وأيضا فمن المعلوم أن قبلة الله التي نصبها لعباده هي قبلة واحدة، وهي القبلة التي أمر الله عباده أن يتوجهوا إليها