للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث كانوا، لا كل جهة يولي الرجل وجهه إليها، فإنه يولي وجهه إلى المشرق والمغرب والشمال وما بين ذلك، وليست تلك الجهات قبلة لله، فكيف يقال: أي وجهة وجهتموها واستقبلتموها، فهي قبلة الله؟

فإن قيل: هذا عند اشتباه القبلة على المصلي، وعند صلاة النافلة في السفر ; قيل: اللفظ لا إشعار له بذلك البتة، بل هو عام مطلق في الحضر والسفر، وحال العلم والاشتباه والقدرة والعجز، إلى أن قال:

وحمل الآية على استقبال المسافر في التنفل على الراحلة، أو على حال الغيم ونحوه، بعيد جدا عن ظاهر الآية وإطلاقها وعمومها وما قصد بها، فإن (أين) من أدوات العموم، وقد أكد عمومها بما أراده لتحقيق العموم، كقوله: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [سورة البقرة آية: ١٤٤] والآية صريحة في أنه أينما ولى العبد فثم وجه الله من حضر أو سفر، في صلاة أو غير صلاة ; وذلك أن الآية لا تعرض فيها للقبلة ولا لحكم الاستقبال، بل سياقها لمعنى آخر، وهو بيان عظمة الرب تعالى وسعته، وأنه أكبر من كل شيء وأعظم منه، وأنه محيط بالعالم العلوي والسفلي.

فذكر في أول الآية إحاطة ملكه في قوله: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [سورة البقرة آية: ١١٥] منبها بذلك على ملكه لما بينهما، ثم ذكر عظمته سبحانه، وأنه أكبر وأعظم من كل شيء، فأينما ولى العبد

<<  <  ج: ص:  >  >>