توقفوا عن الطواف بهما، وجاء ذكر الطواف بعد ذكر العبادات المتعلقة بالبيت. بل وبالقلوب والأبدان والأموال، بعدما أمروا به من الاستعانة بالصبر والصلاة، اللذين لا يقوم الدين إلا بهما؛ وكان ذلك مفتاح الجهاد المؤسس على الصبر ; لأن ذلك من تمام أمر البيت، لأن أهل الملل يخالفون فيه، فلا يقوم أمر البيت إلا بالجهاد عنه.
وذكر الصبر على المشروع والمقدور، وبين ما أنعم به على هذه الأمة من البشرى للصابرين، فإنها أعطيت ما لم تعطه الأمم قبلها، فكان ذلك من خصائصها وشعائرها، كالعبادات المتعلقة بالبيت.
ولهذا يقرن بين الحج والجهاد لدخول كل منهما في سبيل الله ; فأما الجهاد فهو أعظم سبيل الله، بالنص والإجماع في الأصح، كما قال:"الحج من سبيل الله" وبين أن هذا معروف عند أهل الكتاب، بذمه لكاتم العلم.
ثم ذكر أنه لا يقبل دينا غير ذلك، ففي أولها {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً}[سورة البقرة آية: ٢٢] ، وفي أثنائها:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً}[سورة البقرة آية: ١٦٥] . فالأولى نهي عام ; والثانية نهي خاص؛ وذكر بعد البيت، لينهى عن قصد الأنداد المضاهية له ولبيته، من الأصنام والمقابر ونحو ذلك، ووحد نفسه قبل ذلك، وأنه {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[سورة البقرة آية: ١٦٣]