فعدل كثير من المنتسبين إلى الإسلام، إلى أن نبذ القرآن وراء ظهره، واتبع ما تتلو الشياطين، فلا يعظم أمر القرآن ونهيه، ولا يوالي من أمر القرآن بموالاته، ولا يعادي من أمر القرآن بمعاداته، بل يعظم من يأتي ببعض الخوارق. ثم منهم من يعرف أنه من الشياطين، لكن يعظم لهواه، ويفضله على طريقة القرآن، وهؤلاء كفار، قال الله تعالى فيهم:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ}[سورة النساء آية: ٥١] .
وفي قوله تعالى:{مِن نَّفْسِك} من الفوائد أن العبد لا يطمئن إلى نفسه; ولا يشتغل بملام الناس وذمهم ; بل يسأل الله أن يعينه على طاعته ; ولهذا كان أنفع الدعاء وأعظمه دعاء الفاتحة.
وهو محتاج إلى الهدى كل لحظة. ويدخل فيه من أنواع الحاجات ما لا يمكن حصره، ويبينه أن الله سبحانه لم يقص علينا في القرآن قصة إلا لنعتبر ; وإنما يكون الاعتبار إذا قسنا الثاني بالأول.
فلولا أن في النفوس ما في نفوس المكذبين للرسل، لم يكن بنا حاجة إلى الاعتبار بمن لا نشبهه قط، ولكن الأمر كما قال تعالى:{مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ}[سورة فصلت آية: ٤٣] .
وقوله:{أَتَوَاصَوْا بِهِ}[سورة الذاريات آية: ٥٣] ، وقوله:{تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ}[سورة البقرة آية: ١١٨] ، ولهذا في الحديث: