للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قال: {من بين أيديهم} من قبل الدنيا فإنهم يعرفونها وعيوبها ومجمعون على ذمها، ثم مع هذا لأجلها قطعوا أرحامهم، وسفكوا دماءهم، وفعلوا ما فعلوا، وهذا معنى قول مجاهد: {من بين أيديهم} من حيث يبصرون.

فهو لم يقنع بإتيانه إياهم من الجهة التي يجهلون أنها معصية، مثل ما فسر به مجاهد {من خلفهم} قال: "من حيث لا يبصرون، ولا من جهة الغيب"، كما قال فيها بعضهم، الآخرة أشككهم فيها، لم يقنع بذلك عدو الله، حتى أتاهم في الأمور التي يعرفونها عيانا أنها النافعة وضدها الضار، وفي الأمور التي يعرفون أنها سيئات وضدها حسنات، ومع هذا فأطاعوه في ذلك، إلا من شاء الله منهم، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سورة سبأ آية: ٢٠] .

وقال تعالى، حكاية عنه: {وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [سورة النساء آية: ١١٨-١١٩] الآية.

قال الضحاك: مفروضا معلوما، وحقيقة الفرض التقدير، والمعنى: أن من اتبعه فهو نصيبه المفروض فالناس قسمان: نصيب الشيطان ومفروضه، وحزب الله وأولياؤه.

قوله: {ولأضلنهم} يعني عن الحق، {ولأمنينهم} قال ابن عباس: "تسويف التوبة وتأخيرها" وقال الزجاج: أجمع

<<  <  ج: ص:  >  >>