فجعل إنذارهم بالتوحيد كالإنذار بيوم التلاق، كلاهما عرفوه بالوحي ; وما ذكر أنه صلى الله عليه وسلم بغضت إليه الأوثان لا يجب أن يكون لكل نبي، فإنه سيد ولد آدم.
والرسول الذي نشأ بين أهل الكفر الذين لا نبوة لهم، يكون أكمل من غيره، من جهة تأييد الله له بالعلم والهدى، وبالنصر والقهر، كما كان نوح وإبراهيم، ولهذا يضيف الله الأمر إليهما في مثل قوله:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ}[سورة الحديد آية: ٢٦] الآية، {ِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ}[سورة آل عمران آية: ٣٣] الآية.
وذلك أن نوحا أول رسول بعث إلى المشركين ; وكان مبدأ شركهم من تعظيم الموتى الصالحين، وقوم إبراهيم مبدؤه من عبادة الكواكب؛ ذاك الشرك الأرضي، وهذا السماوي؛ ولهذا سد صلى الله عليه وسلم ذريعة هذا وهذا.
سئل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن عن قوله تعالى:{قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}[سورة الأعراف آية: ٨٨] وهم لم يدخلوا فيها؟ ! .
فأجاب: اعلم أن هذه المسألة شاعت وذاعت، واشتهرت وانتشرت، والخلاف فيها قديم بين أهل السنة والمعتزلة، وبين أهل السنة بعضهم لبعض، والذي روى ابن أبي حاتم عن عطية عن ابن عباس: "كانت الرسل والمؤمنون