للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [سورة الروم آية: ٣٠] .

والمقصود: أن الحديث وهو: " كل مولود يولد على الفطرة " ١ مطابق للآية التي قبله والآية التي بعده، فالفطرة التي في الحديث هي التي في الآية، كما ذكر ابن القيم؛ فصح أن تفسير السلف للفطرة هو المطابق للحديث.

وأما كون المولود لا يصح منه إسلام إلا بشعور، فقال في الرد على ابن حزم، وذكر كلاما طويلا قال في آخره: وأيضا فإنها لو كانت موجودة قبل البدن لكانت حية عالمة ناطقة عاقلة، فلما تعلقت بالبدن سلبت ذلك كله، ثم حدث لها الشعور والعلم والعقل شيئا فشيئا.

وهذا لو كان، لكان من أعجب الأمور أن تكون الروح كاملة عاقلة، ثم تعود ناقصة ضعيفة جاهلة، ثم تعود بعد ذلك إلى عقلها وقوتها، فأين في العقل والنقل والفطرة ما يدل على هذا، وقد قال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [سورة النحل آية: ٧٨] ؟

فهذا الحال الذي أخرجنا عليها حالنا الأصلية، والعلم والعقل والمعرفة والقوة طارئ علينا، حادث فينا بعد أن لم نكن، ولم نعلم قبل ذلك شيئا البتة، إذ لم يكن لنا وجود نعلم ونعقل به.


١ البخاري: الجنائز (١٣٨٥) ، ومسلم: القدر (٢٦٥٨) ، وأحمد (٢/٢٣٣، ٢/٣٩٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>