عرضه عند الناس، وأن ذلك لا يناقض الإخلاص، بل قد يكون واجبا، ولم يعتب عليه في هذا كما عتب عليه، في قوله:{اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} قيل: إن {ما} في هذا الموضع بمعنى "عن" قوله: {مَا بَالُ} ما شأن النسوة {ما خطبكن} ما أمركن وقصتكن؟ قوله:{حَصْحَصَ الْحَقُّ} ظهر وتبين {الآنَ} أي هذا الوقت.
{وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ، قال اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم}[سورة يوسف آية: ٥٤-٥٥] .
فيه مسائل:
الأولى:{أستخلصه لنفسي} أي: أجعله خالصا لي دون غيري، كما يقال: الرفيق قبل الطريق; وكما قال: "لينظر أحدكم من يخالل".
الثانية: وهي أعجب، قوله:{فلما كلمه} وبيانه: لما دخل بعض العلماء على بعض الملوك، وكان دميما فضحك الملك من دمامته، فذكر له هذه الآية، واستحسن الملك جوابه، ومعنى هذا: أن الملك لم يتمكن من قلبه، لما رأى جمال صورته; بل لأجل علمه الذي تبين له لما كلمه.
الثالثة: قوله: {إنك اليوم لدينا} أي: عندنا {مكين} أي: مكنتك من ملكي تصرف فيه {أمين} أي: عرفت صحة أمانتك، فأمنتك على ما تحت يدي؛ وهذا معنى قول أبي العباس: الولاية لها ركنان: القوة والأمانة، كما في الآية