ينبهك على الحكمة في كونه سبحانه يغفر الكبائر ولا يغفر الشرك، وتزرع بغض الشرك وأهله، ومعاداتهم في قلبك.
وذلك أن أكبر مسبة بعض الصحابة - مثل أبي بكر وعمر - لو يجعل في منْزلته بعض ملوك زماننا، مثل سليمان أو غيره، مع كون الكل منهم آدمي، والكل ينتسب إلى دين محمد، والكل يأتي بالشهادتين، والكل يصوم رمضان ويصلي. فإذا كان من أقبح المسبة لأبي بكر أن يسوى بينه وبين بعض الملوك في زماننا، فكيف يجعل للمخلوق من الماء المهين - ولو كان نبيا - بعض حقوق من هذا بعض عظمته وجلاله، من كونه يدعى كما يدعى، ويخاف كما يخاف، ويعتمد عليه كما يعتمد عليه؟ هذا أعظم الظلم، وأقبح المسبة لرب العالمين; وذلك معنى قوله في آخر الآية:{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[سورة الزمر آية: ٦٧] . ولكن رحم الله تعالى من تنبه لسر الكلام، وهو المعنى الذي نزلت فيه هذه الآيات، من كون المسلم يوافقهم في شيء من دينهم الظاهر، مع كون القلب بخلاف ذلك؛ فإن هذا هو الذي أرادوا من النبي صلى الله عليه وسلم. فافهمه فهما حسنا، لعلك تعرف من دين إبراهيم عليه السلام الذي بادر أباه وقومه بالعداوة عنده، والله أعلم.