للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفرهم، ويبغضهم، فهذا كافر، إلا من أكره.

وأما الآية الثالثة، ففي الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها على المنبر، وقال: " إن الله يقبض يوم القيامة الأرضين، وتكون السماوات بيمينه "، ١ ثم ذكر تمجيد الرب تبارك وتعالى نفسه، وأنه يقول: "أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا العزيز، أنا الكريم. قال ابن عمر: فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قلنا ليخرن به" ٢.

وفيها: ثلاث مسائل:

الأولى: التنبيه على سبب الشرك، وهو: أن المشرك ظهر له شيء من جلالة الأنبياء والصالحين، ولم يعرف الله سبحانه وتعالى; وإلا لو عرفه، لكفاه وشفاه عن المخلوق، وهذا معنى قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [سورة الزمر آية: ٦٧] الآية.

المسألة الثانية: ما ذكر الله تبارك وتعالى من عظمته وجلاله أنه يوم القيامة يفعل هذا؛ وهذا قدر ما تحتمله العقول، وإلا فعظمة الله وجلاله أجل من أن يحيط بها عقل، كما قال: "ما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن، إلا كخردلة في كف أحدكم" فمن هذا بعض عظمته وجلاله، كيف يجعل في رتبة مخلوق لا يملك لنفسة نفعا ولا ضرا؟ هذا هو أظلم الظلم، وأقبح الجهل، كما قال العبد الصالح لابنه: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [سورة لقمان آية: ١٣] .

الثالثة: أن آخر الآية وهو قوله: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى


١ البخاري: التوحيد (٧٤١٣) ، ومسلم: صفة القيامة والجنة والنار (٢٧٨٧) ، وأحمد (٢/٣٧٤) ، والدارمي: الرقاق (٢٧٩٩) .
٢ ابن ماجه: المقدمة (١٩٨) والزهد (٤٢٧٥) ، وأحمد (٢/٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>