كفر، ولو كان باطنه يعتقد الإيمان؛ فإنهم لم يريدوا من النبي صلى الله عليه وسلم تغيير عقيدته; ففيه بيان لما يكثر وقوعه ممن ينتسب إلى الإسلام، في إظهار الموافقة للمشركين خوفا منهم، ويظن أنه لا يكفر إذا كان قبله كارها له.
الثالثة: أن الجهل وسخافة العقل هو موافقتهم في الظاهر; وأن العقل والفهم والذكاء هو التصريح بمخالفتهم، ولو ذهب مالك، خلافا لما عليه أهل الجهل من اعتقاد أن بذل دينك لأجل مالك هو العقل، وذلك في آخر الآية {أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ}[سورة الزمر آية: ٦٤] .
أما الآية الثانية، ففيها مسائل أيضا:
الأولى: شدة الحاجة إلى تعلم التوحيد، فإذا كان الأنبياء يحتاجون إلى ذلك ويحرصون عليه، فكيف بغيرهم؟ ففيها رد على الجهال الذين يعتقدون أنهم عرفوه فلا يحتاجون إلى تعلمه.
الثانية: المسألة الكبرى، وهي: كشف شبهة علماء المشركين الذين يقولون: هذا شرك ولكن لا يكفر من فعله لكونه يؤدي الأركان الخمسة; فإذا كان الأنبياء لو يفعلونه كفروا، فكيف بغيرهم؟
الثالثة: أن الذي يكفر به المسلم، ليس هو عقيدة القلب خاصة، فإن هذا الذي ذكرهم الله لم يريدوا منه صلى الله عليه وسلم تغيير العقيدة كما تقدم، بل إذا أطاع المسلم من أشار عليه بموافقتهم لأجل ماله، أو بلده، أو أهله، مع كونه يعرف