ومنها: ما يفعله بعض الناس، إذا كان عنده تمر قد استغنى عنه، ورأى السعر رخيصا وأراد إبداله بتمر من الثمرة المقبلة، أقرضه لمن يعطيه بدله تمرا جديدا بدل هذا، وإنما هذا بدل تمر بتمر نسيئة، وإبدال التمر بالتمر منسأ لا يجوز، بل هو ربا، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنه. والقرض المندوب إليه إذا كان قصد المقرض الإرفاق بالمقترض ونفعه; وأما إذا كان قصده نفع تمره بتمر آخر، فليس بقرض، وإنما هو بيع نهى عنه، لأنه بيع تمر بتمر.
قال عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما: السلف على ثلاثة أوجه سلف تسلفه تريد به وجه الله، فلك وجه الله; وسلف: تسلفه تريد به وجه صاحبك، فلك وجه صاحبك; وسلف: تسلفه لتأخذ طيبا بخبيث، فذلك الربا.
ومنها: ما يفعله بعض الناس، يقرضه غريمه الدراهم أو غيرها ويتسامح عنها في الاستيفاء، فيسامحه غريمة في المبايعة إذا بايعه فلعميله بيع، ولغيره من الناس بيع أغلى منه، لأن العميل يقرضه ويسامحه في الاستيفاء، ويقول: فلان يسلف ويتسامح، ويأخذ ويخلي.
ولا يعلم المتعاقدان أن هذا ربا، وأن " كل قرض جر نفعا فهو ربا " وأنه إذا زاد في السعر لأجل تأخيره بعض الدين الذي قد حل عليه، كان ما أخذه في مقابلة التأخير ربا، من جنس ربا الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه.