إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [سورة النساء آية: ٢٩] .
فهذه الآيات وما أشبهها حرم الله بها كل خبيث أو ضار؛ فكل ما يستخبث أو يضر فإنه لا يحل؛ والخبث والضرر يتعرف بآثاره، وما يترتب عليه من المفاسد.
فهذا الدخان له مفاسد وأضرار كثيرة محسوسة، كل أحد يعرفها؛ وأهله من أعرف الناس بها، ولكن إراداتهم ضعيفة، ونفوسهم تغلبهم، مع شعورهم بالضرر؛ وقد قال العلماء: يحرم كل طعام أو شراب فيه مضرة.
ومن مضاره الدينية: أنه يثقل على العبد العبادات، والقيام بالمأمورات، خصوصا الصيام، وما كره العبد للخير فإنه شر؛ وكذلك يدعو إلى مخالطة الأراذل، ويزهد في مجالس الأخيار كما هو مشاهد؛ وهذا من أعظم النقائص، أن يكون العبد مؤالفا للأشرار، متباعدا عن الأخيار.
ويترتب على ذلك: العداوة لأهل الخير والبغض لهم، والقدح فيهم، والزهد في طريقهم، ومتى ابتلي به الصغار والشباب سقطوا بالمرة، ودخلوا في مداخل قبيحة، وكان ذلك عنوانا على سقوط أخلاقهم؛ فهو باب لشرور كثيرة، فضلا عن ضرره الذاتي.
وأما أضراره البدنية فكثيرة جدا، فإنه يوهن القوة ويضعفها، ويضعف البصر؛ وله سريان ونفوذ في البدن والعروق، فيوهن القوى، ويمنع الانتفاع الكلي بالغذاء، ومتى اجتمع الأمران اشتد الخطر وعظم البلاء.