للعوام أن يتبعوا الهوى، ويتأولوا، ويتعللوا أنه يوجد من علماء الأمصار من يحلله ولا يحرمه؛ فإن هذا التأويل من العوام لا يحل باتفاق العلماء، فإن العوام تبع لعلمائهم، ليسوا مستقلين.
وليس لهم أن يخرجوا عن أقوال علمائهم، وهذا واجبهم، كما قال تعالى:{فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[سورة النحل آية: ٤٣] . وما نظير هذا التأويل الفاسد الجاري على ألسنة بعض العوام- اتباعا للهوى، لا اتباعا للحق والهدى- إلا كما لو قال بعضهم: يوجد بعض علماء الأمصار لا يوجبون الطمأنينة في الصلاة، فلا تنكروا علينا إذا اتبعناهم، أو يوجد من يبيح ربا الفضل، فلنا أن نتبعهم، أو يوجد من لا يحرم أكل ذوات المخالب من الطير، فلنا أن نتبعهم.
ولو فتح هذا الباب، فتح على الناس شر كبير، وصار سببا لانحلال العوام عن دينهم؛ وكل أحد يعرف أن تتبع مثل هذه الأقوال المخالفة لما دلت عليه الأدلة الشرعية، ولما عليه أهل العلم، من الأمور التي لا تحل ولا تجوز.
والميزان الحقيقي هو: ما دلت عليه أصول الشرع وقواعده؛ وقد دلت على تحريم الدخان، لما يترتب عليه من المفاسد والمضار المتنوعة. وكل أمر فيه ضرر على العبد في دينه أو بدنه أو ماله، من غير نفع، فهو محرم، فكيف إذا تنوعت المفاسد، وتجمعت؟ ! أليس من المتعين شرعا وعقلا وطبا، تركه والتحذير منه، ونصيحة من يقبل النصيحة؟