وبددت ثروتهم إلى جيوب تجار المواد السامة، غنيمة باردة، ولقمة سائغة. فكم من أسرة كانت ناعمة البال، قريرة العين، رغيدة العيش، متقلبة في أعطاف النعيم، أصبحت في ذل وشقاء، وفقر وإملاق، من جراء هذا الوباء!
ولو كنا ممن ينتفع بالذكريات، ويستفيد من العظات، لأخذنا حذرنا، وأمنا مكرهم، وظفرنا بما لهم من علوم، وما استفادوا من حضارة، وضع أساسها، ورفع قواعدها، الإسلام في الأندلس.
ولكننا- ويا للأسف- أحسنا الظن بهم في العهود الغابرة، وعمينا عن قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}[سورة آل عمران آية: ١١٨] , فوقعنا في محنة لا زلنا نتجرع غصصها، ونتذوق مرارتها.
أليسوا هم الذين أبادوا دولة الإسلام في الأندلس؟ ومحوا صحيفة أمة عاشت ثمانية قرون في قلب أوروبا؟ ولا تزال ذكراها حية في صدر كل مسلم غيور. أليسوا هم الذين أضعفوا روح التعليم بين أفراد الشعب، حتى انتشر الفقر والمرض والجهل فينا؟ أليسوا هم الذين ظاهروا اليهود على أهل فلسطين فشردوهم أليسوا هم