الغناء: وبيان ذلك: أن صاحبها إذا فتحها قرب وقت صلاة من الصلوات، لا تزال نفسه تترقب من كل إذاعة ما فيها من أخبار، وقراءات، ومحاضرات، وغيرها، فلا تزال به نفسه وشيطانه، حتى تفوته الصلاة مع الجماعة، وهذا يشهد له الواقع، ويعترف به كل منصف.
وقد منع بعض القضاة القائلين بالإباحة، تقليدا لهذا المفتي، من فتح الراديو مطلقا، وقت التراويح، وقيام رمضان، وتوعد فاعل ذلك بالعقوبة. وهذا القاضي قد أتى في صنيعه بالعجب العجاب.
فإذا كان يرى إباحته، فما المسوغ لمنع مباح تفوت بسببه سنة لا يعاقب تاركها؟ وما ذلك إلا أنه يرى أنه من أكبر العوامل في الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وما كان هذا سبيله، فهل يشك أحد في تحريمه؟ لمشاركته الخمر والميسر في جزء علة التحريم.
ولهذا قل أن تجد مفتونا به، إلا وفيه من الكسل عن حضور الصلاة في جماعته ما ليس في غيره، وخصوصا صلاة العشاء، وصلاة الفجر، وهذا عين النفاق. وذلك أن ما بين العشاءين وقتا يفرغ فيه الناس من أعمالهم الدنيوية، فيجتمع بعضهم ببعض، كل بخليله وشكله، وإذا كان اجتماعهم في بيت فيه هذه الآلة، لا يزالون يستمعون من كل إذاعة ما فيها.