يعرفها من له أدنى علم بالشريعة المطهرة، والله المستعان.
الوجه الثالث: أنه لو كان الذم مختصا بمن اشترى لهو الحديث، لقصد الضلال أو الإضلال، لم يكن في تنصيص الرب عز وجل على لهو الحديث فائدة، لأن الذم حينئذ لا يختص به، بل يعم كل من فعل شيئا يقصد به الضلالة أو الإضلال، حتى ولو كان ذلك الشيء محبوبا إلى الله سبحانه وتعالى.
كمن اشترى مصحفا يقصد به التلبيس على الناس وإضلالهم، فإن المصحف محبوب إلى الله لاشتماله على كلامه عز وجل، ولكنه سبحانه لا يحب من عباده أن يشتروه للتلبيس والإضلال، وإنما يشترى للاهتداء والتوجيه إلى الخير.
وقد اعترف ابن حزم وأبو تراب بهذا الوجه، وزعما أن الآية تختص بهذا الصنف، وهو خطأ بين، وعدول بالآية عن معناها الصحيح، وإضاعة لمعناها الأكمل.
فعرفت أيها القارئ الكريم، من هذه الأوجه الثلاثة، كشف شبهة أبي تراب وبطلانها، واتضح لك أن الآية الكريمة حجة ظاهرة على ذم الأغاني والملاهي وتحريمها، وأنها وسيلة للضلالة والإضلال، والسخرية بسبيل الله، والإعراض عن كتابه، وإن لم يشعر مشتريها بذلك؛ وهذا هو