والمغنية بالمال الكثير، والاستماع إليه وإلى مثله من الباطل، وهذا قول مكحول، وهذا اختيار أبي إسحاق أيضا، وقال: أكثر ما جاء في التفسير، أن لهو الحديث ههنا، هو: الغناء، لأنه يلهي عن ذكر الله تعالى.
قال الواحدي: قال أهل المعاني: ويدخل في هذا كل من اختار اللهو، والغناء، والمزامير، والمعازف، على القرآن، وإن كان اللفظ قد ورد بالشراء، فلفظ الشراء يذكر في الاستبدال والاختيار، وهو كثير في القرآن.
قال: ويدل على هذا ما قاله قتادة في هذه الآية: لعله أن لا يكون أنفق مالا. قال: وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق، قال الواحدي: وهذه الآية على هذا التفسير تدل على تحريم الغناء.
قال: وأما غناء القينات، فذلك أشد ما في الباب، وذلك لكثرة الوعيد الوارد فيه، وهو ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من استمع إلى قينة، صب في أذنه الآنك يوم القيامة" والآنك: الرصاص المذاب.
وقد جاء تفسير لهو الحديث بالغناء، مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ ففي مسند الإمام أحمد ومسند عبد الله بن الزبير الحميدي، وجامع الترمذي، من حديث أبي أمامة والسياق للترمذي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تبيعوا القينات، ولا تشتروهن، ولا تعلموهن، ولا خير في تجارة فيهن، وثمنهن حرام" ١.
١ الترمذي: البيوع (١٢٨٢) , وابن ماجه: التجارات (٢١٦٨) .