للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما تعلق من خالف ذلك بحديث: "إلا رقما في ثوب" ١، فهو شذوذ عما كان عليه السلف والأئمة، وتقديم للمتشابه على المحكم؛ إذ يحتمل أن المراد باستثناء الرقم في الثوب، ما كانت الصورة فيه غير ذوات الأرواح، كصورة الشجر ونحوه، كما ذكر الإمام أبو زكريا النووي وغيره.

واللفظ إذا كان محتملا، فلا يتعين حمله على المعنى المشكل، بل ينبغي أن يحمل على ما يوافق الأحاديث الظاهرة في المنع، التي لا تحتمل التأويل; على أنه لو سلم بقاء حديث: "إلا رقما في ثوب" ٢ على ظاهره، لما أفاد إلا جواز ذلك في الثوب فقط.

وجوازه في الثوب لا يقضي جوازه في كل شيء، لأن ما في الثوب من الصور، إما ممتهن، وإما عرضة للامتهان، ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا بأس بفرش الفرش التي فيها التصاوير، استدلالا بما في حديث السنن الذي أسلفنا، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "ومر بالستر فليقطع، فليجعل منه وسادتان منبوذتان توطآن" ٣ إذ وطؤها وامتهانها مناف ومناقض لغرض المصورين في أصل الوضع، وهو تعظيم المصور، والغلو فيه، المفضي إلى الشرك بالمصور.

ولهذه العلة والعلة الأخرى، وهي المضاهاة


١ البخاري: اللباس (٥٩٥٨) , والنسائي: الزينة (٥٣٤٩) , ومالك: الجامع (١٨٠٢) .
٢ البخاري: اللباس (٥٩٥٨) , والنسائي: الزينة (٥٣٤٩) , ومالك: الجامع (١٨٠٢) .
٣ الترمذي: الأدب (٢٨٠٦) , وأبو داود: اللباس (٤١٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>