للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جيش الاحتلال الذي ضرب الذلة على البلاد سبعين سنة، فكأنهم لم يصبروا على أن يفقدوا مظهر الذل الذي ألفوه واستساغوه، وربوا في أحضانه.

وما رأيت مرة هذا المنظر البشع، منظر جنودنا في زي أعدائنا وهيئتهم، إلا تقززت نفسي، وذكرت قول عميرة بن جعل الشاعر الجاهلي، يذم قبيلة تغلب:

إذا ارتحلوا عن دار ضيم تعاذلوا ... عليهم وردوا وفدهم يستقيلها

انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

وما ذكره رحمه الله تعالى من تشبه الجيش المصري، والشرطة المصرية، بالجيش الإنجليزي، ليس هو مما انفرد به المصريون، بل قد شاركهم فيه كثير من المسلمين والمنتسبين إلى الإسلام؛ فألبسوا جيوشهم وشرطهم مثل لباس الإفرنج، ولم يبالوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم:

"من تشبه بقوم فهو منهم" ١ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وهذا التشبه القبيح، والانحراف عن زي المسلمين والتزيي بزي أعداء الله تعالى، كله من آثار بطانة السوء، كما في الحديث الصحيح، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما بعث الله من نبي، ولا استخلف, إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه; فالمعصوم من عصم الله تعالى" ٢ رواه البخاري، والنسائي.


١ أبو داود: اللباس (٤٠٣١) .
٢ البخاري: الأحكام (٧١٩٨) , والنسائي: البيعة (٤٢٠٢) , وأحمد (٣/٣٩ ,٣/٨٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>