للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا بأس أن يقوم بعض أعوانه على رأسه بالسلاح، كما فعل المغيرة بن شعبة، رضي الله عنه في صلح الحديبية، فإنه كان قائما بالسلاح على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه رسل قريش، والحديث بذلك في صحيح البخاري، ومسند الإمام أحمد، وغيرهما.

القسم الثاني: القيام للداخل ونحوه، إعظاما له واحتراما، لا لقصد المعانقة أو المصافحة؛ وفي كراهة هذا، والمنع منه نزاع بين العلماء، والصحيح المنع منه، لما تقدم عن أبي أمامة، وأنس ومعاوية، رضي الله عنهم في ذلك.

وأحاديثهم، وإن كانت واردة في هذا القسم، فعمومها يشمل القسم الأول أيضا، لأن كلا منهما من أفعال الأعاجم، وتعظيم بعضهم بعضا; والمسلم منهي عن التشبه بالأعاجم; وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم" ١، وفي الحديث الآخر: "ليس منا من تشبه بغيرنا" ٢.

وقد فرّق بعض العلماء بين القيام لأهل الفضل والفقه، وبين القيام لغيرهم، فأجازوه لأهل الخير، ومنعوه لغيرهم، وهذا تفريق لا دليل عليه، وقد تقدم رد ما قاله النووي في ذلك.

وقال إسحاق بن إبراهيم: خرج أبو عبد الله على قوم في المسجد فقاموا له، فقال: لا تقوموا لأحد، فإنه مكروه. وقال أحمد أيضا في رواية مثنى: لا يقوم أحد لأحد.

وقال حنبل، قلت لعمي: ترى للرجل أن يقوم للرجل


١ أبو داود: اللباس (٤٠٣١) .
٢ الترمذي: الاستئذان والآداب (٢٦٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>