ما كانت الجامعة العلمية للمهاجرين والأنصار، إلا في المسجد، حيت يلقي عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوحى إليه من الكتاب والحكمة، فهم يقتدون به في أفعاله العالية، وخصاله الحميدة، وهم يأخذونها سماعا بآذانهم، ورؤية بأعينهم، يقول لهم:"صلوا كما رأيتموني أصلي" ١.
وتؤخذ عنة تعاليم الإسلام من المسجد، كما في حديث ضمام بن ثعلبة الذي قدم المدينة، وأناخ بعيره في ناحية المسجد، وأخذ يلقي على رئيس تلك الجامعة أسئلة كثيرة، ويستفيدون بالأجوبة النافعة المفيدة، ويقول أخيرا: إنه رسول من وراءه، وينصرف راشدا ومعلما.
والوفود القادمون من مختلف أنحاء الجزيرة، لتعلم الدين، وأحواله، وقواعده التي يقوم عليها، في أيام قليلة يقضونها في المسجد، متعلمين من إخوانهم السابقين في الإسلام، من الأستاذ الأكبر صلى الله عليه وسلم، كوفد ثقيف، والأشعريين، وعبد القيس، وغيرهم.
والتعليم يلقى على الأفراد والجماعات، بأساليب الحكمة، وعلى كل واحد بما يتناسب مع عقله وعلمه واستعداده، كل ذلك في المسجد؛ وربما جلس الصحابة رضي الله عنهم، صامتين لا يتكلمون، حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسألونه، فيأتيهم الأعرابي يسأل عن أشياء، يستفيدون بالسؤال عنها.
١ البخاري: الأذان (٦٣١) , والدارمي: الصلاة (١٢٥٣) .