فإن ضرر كتمانهم يتعدى إلى البهائم وغيرها، فيلعنهم اللاعنون حتى البهائم؛ كما أن معلم الخير يصلي عليه الله وملائكته، ويستغفر له كل شيء حتى الحيتان في جوف البحر، والطير في جو السماء.
وكذلك كذبهم في العلم من أعظم الظلم، وكذلك إظهارهم للمعاصي والبدع التي تمنع الثقة بأقوالهم، وتصرف القلوب عن اتباعهم، وتقتضي متابعة الناس لهم فيها، هي من أعظم الظلم؛ ويستحقون من الذم والعقوبة عليها ما لا يستحقه من أظهر الكذب والمعاصي والبدع من غيرهم، لأن إظهار غير العالم وإن كان فيه نوع ضرر، فليس هو مثل العالم في الضرر، الذي يمنع ظهور الحق، ويوجب ظهور الباطل؛ فإن إظهار هؤلاء للفجور والبدع، بمنزلة إعراض المقاتلة عن الجهاد ودفع العدو، ليس هو مثل إعراض آحاد المقاتلة، لما في ذلك من الضرر العظيم على المسلمين.
فترك أهل العلم لتبليغ الدين كترك أهل القتال للجهاد؛ وترك أهل القتال للقتال الواجب عليهم، كترك أهل العلم للتبليغ الواجب عليهم، لأنهما ذنب عظيم، وليس هو مثل ترك ما تحتاج الأمة إليه مما هو مفوض إليهم، فإن ترك هذا أعظم من ترك أداء المال الواجب إلى