يفدون إليه مشاة وركبانا، برا وبحرا وجوا، حيث يجتمعون في بلد الله الحرام، وفي مهد الإسلام، وموطن إسماعيل، ومثابة إبراهيم الخليل، ليؤدّوا مناسك الحج، جريا على ما شرعه دينهم الإسلامي، وليشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، ونعمة الإسلام.
وليتعاونوا فيتآلفوا، فيعرف بعضهم أحوال بعض، فيتعاونون على إصلاح العوج، وتقويم الأود، يضمهم موقف واحد، لا يتميز فيهم فقير عن غني، ولا صعلوك عن ملك، لابسي أكفانهم، بادية رؤوسهم في زي واحد، لا يتفاضلون، لا ميزة للمرء على غيره إلا بالعمل الصالح، يعتقد كل منهم أن أفضل راع للنفس هو الدين، يسمعون الخطب المؤثرة، والمواعظ النافعة، والدعوة إلى الإسلام بذكر محاسنه وفضائله وإيضاح حكمه.
ثم ينصرفون إلى ديارهم، كل يقصد جهته، وقد امتلأ أنسا وسرورا بما سمع وعلم، ويذكر لأهله وقومه حال إخوانه المسلمين، وقد تعرف خبرهم، وما هم عليه من خير أو شر، ويتحدث بين أقوامه ما يحسن أن يقوموا به، من الخدمات اللائقة لذلك، من التعاون، والتكاتف، والتوادد، فيبعث في نفوسهم حب إقامة العدل والدين.
وإني أدعو الله جلت قدرته أن يوفق هذه الأمة لما يصلح شؤونها، ويقوّم اعوجاجها، ويسلك بها الصراط السوي،