لتلافي الأخطار المحدقة بالإسلام، وهي في نمو وازدياد؛ بل لا بد لدفع ذلك من اجتماعات إسلامية صادقة، لتدارك ما فات، وإصلاح ما فسد، وإقامة ما اعوج.
إن الأمة الإسلامية لا تكون ذات كيان، إلا بالاجتماع والتناصر على جلب ما ينفعها، ودفع ما يضرّها، في أمر دينها ودنياها; وكما قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[سورة المائدة آية: ٢] .
ولا ريب أن الشرع الإسلامي شرع هذا الأمر ولم يهمله، فأمر باجتماعات يومية تنعقد في اليوم والليلة خمس مرات، في صلاة الجماعة، يؤدونها منتظمين صفوفا، جنبا إلى جنب خلف إمامهم، يكبرون إذا كبر، ويركعون إذا ركع؛ فاجتماع أبدانهم على هذه الكيفية مؤذن باجتماع قلوبهم على دينهم اعتقادا وعملا.
ثم فرض الإسلام اجتماعا أكبر من هذا الاجتماع في الأسبوع مرة لأداء صلاة الجمعة، يأتي الشخص فيصلي لربه خاشعا متواضعا، يسمع الموعظة الآمرة بالمعروف، ومكارم الأخلاق، الصالحة للدين والدنيا، ويجدد العهد بإخوانه المسلمين، من أهل تلك البلدة، يعطلون لهذا الاجتماع مساجدهم، وكذلك في العيدين.
ثم شرع اجتماعا أكبر من الذي قبله، فأوجب الحج على من استطاع إليه سبيلا في العمر مرة؛ فكان حج البيت هو اجتماع الأمة في كل سنة بمكة، يجتمع فيه رجال الأمة