محاسنه، فقد أعطيت أمثل التعاليم، وهديت إلى صراط مستقيم؛ وبذلك امتد سلطانها، واتسعت ممالكها، وأخضعت من سواها لأوامر القرآن ونواهيه.
ثم ما لبثت أن حرفت فانحرفت، وتمزقت بعدما اجتمعت; حرمت التعاليم الحقة، واشتبه عليها الباطل بالحق، وتبعت السبل، فتفرقت بها عن سبيل الحق؛ فأصبحت اليوم شيعا متفرقة، لما أضاعت من الحق والدعوة إليه ضاعت وهانت، وصارت غثاء كغثاء السيل.
وقال أيضا، رحمه الله: من واقعنا اليوم ١.
لا شك أن الإسلام قد أصيب بما أصيب به من الويلات والمصائب التي أدت إلى ضعف الإسلام، وخفة سطوته في القلوب؛ فقد علم الناس أن تغيرا عقليا طرأ على أفكارهم، وتدفق عليهم سيل المدينة الجارف.
فاستقبلوا ذلك البلاء العظيم بسرور وارتياح بال، وبادروا في إتقانه، وذهلوا عن كل شيء سواه، فكأنهم في سكرة من أمرهم.
وهذا مما جعل كل واحد من علماء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، يحس بالخطر المحدق به، وبدينه، وبأمته؛ والكثير منهم والأكثر يتأفف من الحالة الراهنة، ويظهر التضجر، ويبدي التأثر والانفعال؛ غير أن هذا لا يكفي
١ وقد نشر في مجلة راية الإسلام في ذي الحجة سنة ١٣٨٠ هـ.