لأنه غير مأذون، ولا مكلف من جهة أسند إليها هذا الأمر، وغاية ما في الأمر أن يستنكر ما يراه منكرا بقلبه، وهو أضعف الإيمان لغير المسؤول. قد يكون هذا الأمر مستساغا ومقبولا في جماعة أو أمة ليس فيها أجهزة حكومية خصصت لهذا الواجب، ولكنه غير لازم ولا مقبول إلى جانب السلطات الحكومية المكلفة. فهذا الكلام فيه حق وباطل وإيهام، وإليك أيها القارئ بيان ذلك بالتفصيل.
أما قوله: إنه لا ينكر على كل مؤمن، أن يرشد إلى الخير، ويوجه إلى الرشد ... إلخ، فهذا حق، والواجب على كل من لديه بصيرة، أن يقوم بذلك؛ وهو سبيل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسبيل أتباعه على بصيرة، كما قال تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}[سورة يوسف آية: ١٠٨] : فهذه الآية الكريمة ترشد إلى أن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم على الكمال هم أهل البصيرة والدعوة إلى الحق. وقال تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[سورة النحل آية: ١٢٥] : وهذه الآية العظيمة، وإن كان الخطاب فيها موجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمراد بها جميع الأمة، وقد أوضح الله فيها سبيل الدعوة ومراتبها.