للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجد الآية تنادي بأن الفصل في القضاء جريا مع الأهواء، ضلال عن سبيل الله الذى هو صراطه المستقيم، والضلال عن سبيل الله، ملق صاحبه في العذاب الشديد؛ فما ظنك بعذاب وصفه الكبير المتعال بالشدة، ويشتريه بمتاع في هذه الدنيا؟ إن هذا لسفه، ودلالة على عدم نفوذ الإيمان إلى سويداء قلبه؛ فلهذه الآية أثر عظيم في النفوس المطمئنة بالإيمان، البعيدة عن الأهواء.

يحدثنا التاريخ أن أحمد بن سهل، جار لقاضي مصر، بكار بن قتيبة، فاتفق أنه مر على بيت بكار أول الليل، فسمعه يقرأ هذه الآية، ويرددها ويبكى {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [سورة ص آية: ٢٦] ثم قمت آخر الليل، فإذا هو يقرؤها مرددا لها، وإن بكارا هذا من أعدل القضاة حكما، وأشرفهم أمام أولي الأمر موقفا.

والأحاديث الواردة في الوعيد على الجور كثيرة جدا، كحديث بريدة: "القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة، رجل عرف الحق وقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار، ورجل عرف الحق وقضى بخلافه، فهو في النار" ١.

فإن كان حظه من القضاء بخسا، أو يكون خلُق العفاف في نفسه واهيا، كمن كان متبعا لهواه، جاريا على غير السنن، فهذا جزاؤه.


١ أبو داود: الأقضية (٣٥٧٣) , وابن ماجه: الأحكام (٢٣١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>