ثم تأمل قوله:{وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ}[سورة النساء آية: ٦٠] كيف دل على أن ذلك ضلال؛ وهؤلاء القانونيون يرونه من الهدى، كما دلت الآية على أنه من إرادة الشيطان، عكس ما يتصور القانونيون، من بعدهم من الشيطان، وأنه مصلحة الإنسان.
فتكون على زعمهم مرادات الشيطان هي صلاح الإنسان، ومراد الرحمن وما بعث به سيد ولد عدنان معزولا من هذا الوصف، ومنحى عن هذا الشان؛ وقد قال تعالى منكرا على هذا الضرب من الناس، ومقررا ابتغاءهم أحكام الجاهلية، وموضحا أنه لا حكم أحسن من حكمه:{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[سورة المائدة آية: ٥٠] .
فتأمل هذه الآية الكريمة، وكيف دلت على أن قسمة الحكم ثنائية، وأنه ليس بعد حكم الله تعالى إلا حكم الجاهلية، الموضح أن القانونيين من زمرة أهل الجاهلية، شاؤوا أم أبوا؛ بل هم أسوأ منهم حالا، وأكذب منهم مقالا، ذلك أن أهل الجاهلية لا تناقض لديهم حول هذا الصدد.
وأما القانونيون فمتناقضون، حيث يزعمون الإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ويناقضون ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا، وقد قال الله تعالى في أمثال هؤلاء:{أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً}[سورة النساء آية: ١٥١] .