فانظر كيف سجل تعالى على الحاكمين بغير ما أنزل الله، بالكفر والظلم والفسوق؛ ومن الممتنع أن يسمي الله سبحانه الحاكم بغير ما أنزل الله كافرا ولا يكون كافرا، بل هو كافر مطلقا، إما كفر عمل، وإما كفر اعتقاد.
وما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، في تفسير هذه الآية، من رواية طاووس وغيره، يدل أن الحاكم بغير ما أنزل الله كافر، إما كفر اعتقاد ناقل عن الملة، وإما كفر عمل، لا ينقل عن الملة.
أما الأول: وهو كفر الاعتقاد، فهو أنواع: أحدها: أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية حكم الله ورسوله، وهو معنى ما روي عن ابن عباس، واختاره ابن جرير، أن ذلك هو جحود ما أنزل الله من الحكم الشرعي، وهذا ما لا نزاع فيه بين أهل العلم.
فإن الأصول المتقررة المتفق عليها بينهم أن من جحد أصلا من أصول الدين، أو فرعا مجمعا عليه، أو أنكر حرفا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم قطعيا، فإنه كافر الكفر الناقل عن الملة.