للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم الله ورسوله حقا، لكن اعتقد أن حكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن من حكمه وأتم وأشمل، لما يحتاجه الناس، من الحكم بينهم عند التنازع، إما مطلقا، أو بالنسبة إلى ما استجد من الحوادث التي نشأت عن تطور الزمان، وتغير الأحوال؛ وهذا أيضا لا ريب أنه كفر، لتفضيله أحكام المخلوقين، التي هي محض زبالة الأذهان، وصرف حثالة الأفكار، على حكم الحكيم الحميد.

وحكم الله ورسوله لا يختلف في ذاته باختلاف الأزمان وتطور الأحوال، وتجدد الحوادث؛ فإنه ما من قضية كائنة ما كانت إلا وحكمها في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نصا أو ظاهرا أو استنباطا، أو غير ذلك، علم ذلك من علمه، وجهله من جهله.

وليس معنى ما ذكره العلماء من تغير الفتوى بتغير الأحوال، ما ظنه من قل نصيبهم أو عدم من معرفة مدارك الأحكام وعللها، حيث ظنوا أن معنى ذلك بحسب ما يلائم إرادتهم الشهوانية البهيمية، وأغراضهم الدنيوية، وتصوراتهم الخاطئة الوبية.

ولهذا تجدهم يحامون عليها، ويجعلون النصوص تابعة لها، منقادة إليها مهما أمكنهم؛ فيحرفون لذلك الكلم عن مواضعه؛ وحينئذ معنى تغير الفتوى بتغير الأحوال والأزمان، مراد العلماء منه ما كان مستصحبه فيه الأصول

<<  <  ج: ص:  >  >>