بالكتابة والإشهاد، وحرمت كتمان الشهادة أشد تحريم، حماية للأموال، وسلامة للصدور عن التقاطع والتباغض. كما نهت أيضا عن الغش والخداع في المعاملات والربا بأنواعه، وبيع البعض على بيع البعض، وعن التدليس وبيغ الغرر؛ كل هذا حفظا للحقوق، وحرصا على تمام الروابط بين المسلمين.
نعم إنها لم تكتف بهذا، بل دخلت على الأسرة الواحدة في بيتها، فبينت ما لكل منهم وما عليه، من الوالد والولد، والزوج والزوجة، وجميع الأقارب كل بحسبه. ولم يمر بالإنسان طور من أطوار حياته، إلا بينت مشاكله، وجميع ما قد يعرض له في حياته، من حين رضاعه إلى إبان وفاته، بل إلى ما بعد ذلك. فبينت الأولى بتغسيله وتكفينه، وحمله والصلاة عليه ودفنه، وميراثه ووصيته، وحقوقه من قضاء دين وتنفيذ وصية وإنفاذ عهد. فلله ما أعظم هذه الشريعة، وأجلها وأسماها! وكلما ازداد المرء معرفة بها، ازداد لها احتراما وتعظيما وتوقيرا. فلذلك كان الصحابة رضي الله عنهم- لكماله معرفتهم بها- أشد الناس تمسكا بها، وتمشيا مع تعاليمها بكل جليل ودقيق.