وقال بعضهم: لما رغب المسلمون عن تعاليم دينهم، وجهلوا حكمه وأحكامه، وعدلوا إلى القوانين الوضعية المتناقضة، المستمدة من آراء الرجال، فشا فيهم فساد الأخلاق، فكثر الكذب والنفاق، والتحاقد والتباغض، فتفرقت كلمتهم، وجهلوا أحوالهم الحاضرة، والمستقبلة. وغفلوا عما يضرهم وما ينفعهم، وقنعوا بحياة يأكلون فيها ويشربون، وينامون، ثم لا ينافسون غيرهم في فضيلة، ولكن متى أمكن لأحدهم أن يضر أخاه، لا يقصر في إلحاقه الضرر. وأقوالهم في هذا الموضوع كثيرة جدا. يعترفون فيها بعظمة الإسلام، وشموله لعموم المصالح ودرء المفاسد، وأن المسلمين لو تمسكوا بإسلامهم حقا، لصاروا أرقى الأمم وأسعد الناس، ولكن ضيعوا فضاعوا، واكتفوا منه بمجرد التسمي بأنهم مسلمون.
مناقب شهد العدو بفضلها وأفضل ما شهدت به الأعداء
ولسنا- والحمد لله- في حاجة إلى شهادة هؤلاء وأمثالهم، بفضل الإسلام وعلو مكانته، ولكن ذكرنا هذا لما قصر أهله في فهمه والعمل به، وعرف منه أعداؤه ما لم يعرفه بنوه؛ إذ جهلوا مصالحه، وتطلعوا إلى غيره من النظم الفاسدة المتناقضة، وأعداؤه يفضلونه ويشهدون له بالكمال وأنه فوق كل نظام.