ولا شك أنه الدين الصحيح، الكفيل بكل ما يحتاجه البشر على وجه يكفل لهم المصالح، ويدرأ عنهم المفاسد، دين الفطرة السليمة، دين الرقي الحقيقي، دين العدالة بأسمى معانيها، دين المدنية والحرية بمعناها الصحيح، دين العمل، دين الاجتماع، دين التوادد والتناصح والتحابب، دين رفع ألوية العلم والصنائع والحرف. لم يقتصر على أحكام العبادات، أو المعاملات، بل شمل جميع منافع العباد ومصالحهم، على ممر السنين وتعاقب الدهور، إلى أن تقوم الساعة. ولكن يا للأسف ويا للمصيبة! أن أبناء هذا الدين جهلوا قدره، وجهلوا حقيقته؛ بل كثير منهم عادوه وأصبحوا يدسون عليه معاولهم ليهدموه، وليفرقوا أهله، ويفضلون أهل الغرب على المسلمين، ظنا منهم بعقولهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة أن الدين هو الذي أخرهم، وهيهات هيهات أن يكون هو الذي أخرهم، ولكنهم أخروا أنفسهم بالإعراض عن تعاليم دينهم، وأخلدوا إلى الكسل، وقنعوا بالجهل، فأصبحوا في حيرة من أمرهم. إنهم لو عرفوا دينهم، وطبقوا تعاليمه لوصلوا فوق ما وصل إليه غيرهم، من التقدم الصناعي؛ ولكنهم تركوا دينهم، واقتنعوا بالترف والنعيم، وأهملوا العناية به.