وفيه مشابهة لنبينا صلى الله عليه وسلم فيما ناله من الرؤساء والأحبار، في ابتداء دعوته؛ فإنه رحمه الله لما أظهر الدعوة إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة، استصرخوا بأهل الحرمين، والنجرانيين، وبني خالد وغيرهم عليه، وألبت تلك الطوائف.
فثبته الله ومن آواه ونصره، على قلة منهم وضعف، وصبروا على مخالفة الناس، وتحملوا عداوة كل من عادى هذا الدين.
بل أشبه أمر الشيخ ما جرى لخاتم النبيين، حتى في مهاجره وأنصاره، وكثرة من عاداه وناوأه في حال الابتداء، كما هو حال الحق في المبادئ، يرده الكثيرون وينكرونه، ويقبله القليل وينصرونه، ثم تكون الغلبه له.
فرحمه الله من إمام همام، وحبر شهم ضرغام، عمم الله ببركة علمه الأنام. قام بهذا الدين الحنيف، ولم يكن في البلاد إلا اسمه، وانتشر في الآفاق؛ وكل امرئ نال منه حظه وقسمه، وانتفع بعلمه.
حتى أهل الآفاق يرسل إليهم ويدعوهم، ويسألون عما يأمر به وينهى عنه؛ فيقال لهم يأمر بالتوحيد وينهى عن الشرك. فانتهى أناس كثير من أهل الآفاق، وهدم المسلمون ببركة علمه جميع القباب والمشاهد، التي بنيت على القبور وغيرها، في أقاصي الجزيرة، من الحرمين، واليمن وتهامة، وعمان وغير ذلك.