وبالجملة: فمحاسنه وفضائله أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر. ومن طالع مصنفاته، واستقرأ سيرته ومؤلفاته، عرف أنه من أغزر الناس علما، وأحدهم فهما، وأنفذهم عزما وأشجعهم؛ بل هو من أكابر السلف.
وهذه كتبه وفتاواه ورسائل دعوته تشهد بذلك؛ وهو المرجع في وقته في سائر العلوم والفتاوى. وما كان يخطر بالبال، ولا يدور في الخيال، أن رجلا فذا يدرك هذا المركز بعينه؛ حتى صار هو بين العالم فذا، فحق له أن يتمثل:
أيا لائمي دعني أغالي بقيمتي ... فقيمة كل الناس ما يحسنونه
فلقد كان رحمه الله من الفضل آية وحده، وفردا حتى نزل لحده، بل أمة قدوة، أخمل من القرناء كل عظيم، وأخمد من البدع كل حديث وقديم. هو البحر من أي النواحي جئته، والبدر من أي الضواحي رأيته.
ولعمري هو شيخ الإسلام، قدوة الأنام، حسنة الأيام، افتخرت به نجد على سائر الأمصار؛ بل زها به عصره على سائر متقدمي الأزمان والأعصار، لما جمع الله له من المناقب والفضائل، التي أوجبت للأواخر الافتخار على الأوائل.