الجهمية إليه ; وقيل: إن الجعد أخذ مقالته عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان عن طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت عن لبيد بن الأعصم اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا كان أصل هذه المقالة، مقالة التعطيل والتأويل، مأخوذة من تلامذة المشركين والصابئين واليهود، فكيف تطيب نفس مؤمن، بل نفس عاقل أن يسلك سبيل هؤلاء المغضوب عليهم والضالين، ويدع سبيل الذين أنعم الله عليهم من النبيين والشهداء والصالحين؟ !
وجماع الأمر: أن الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها ستة أقسام، كل قسم عليه طائفة من أهل القبلة، قسمان يقولون: تجرى على ظواهرها، وقسمان يقولون: هي على خلاف ظواهرها، وقسمان يسكتون. أما الأولون فقسمان، أحدهما: من يجريها على ظاهرها، من جنس صفات المخلوقين، فهؤلاء المشبهة، وإليهم توجه الرد بالحق ; والثاني: من يجريها على ظاهرها اللائق بجلال الله تعالى، كما يجري اسم الله: العليم، والقدير، والرب، والموجود، والذات، على ظاهرها اللائق بجلال الله. فإن ظواهر هذه الصفات في حق المخلوقين إما جوهر محدث، وإما عرض قائم، كالعلم، والقدرة، والكلام، والمشيئة، والرحمة، والرضى، والغضب، ونحو ذلك، في حق العبد أعراض؛ والوجه، واليد والعين في حقه أجسام.