خرج معهم فأتى مكة وخزاعة مستولية عليها، وولاية البيت يومئذ وحجابته خليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن لحي والمفتاح بيده، فخطب اليه أبنته حبى بنت خليل، ولم يكن له ولد غيرها فعرف نسبه وشرفه فزوجه، فولدت له بنيه الأربعة، عبد مناف، وعبد الدار وعبد العزي وعبدا بن قصي. فلما حضرته الوفاة أوصى لقصي بالحجابة والولاية والمفتاح وقال له: إن ولدك ولدي ولست أخص بذلك غيرهم فأقسم بينهم مآثر مكة. فلما مات خليل أبت بنو أسلم بن قصي بن حارثة رهط خليل وقومهم من خزاعة إن يجيزوا لقصي ذلك، فهم بحبهم فنهته حبى بنت خليل زوجته، وحذرته النقمة ممن أرد الأخاد في الحرم، وذكرته بأحاديث جرهم وقولهم كيف يحل لنا إن نذبح أموالنا في الحرم ونأكلها ولا يحل لنا ذبح الصيد فالكل سواء. فقالت في ذلك أشعارا منها:
ما أستبت جرهم يوما ببلدتها ... اذ مثلوا بين شاة الحل والحرم
وأقسموا وهم بسيل بلدتهم ... لنجعلن شهور الحل كالحرم
٩٤ - هل من حموم لأقوام لتزجرهم من ... قبل إن يصبحوا لحمَّا على وضم
وقالت أيضا تحذره وتذكر أمرهم من شعر لها:
فلما غلوا وعلاهمهم ... وقال أسامة لأبن الضرب
ضعوا الخرج فاستخرجوا عنوة ... من أهل العمود وأهل القتب
وعصب الملوك من أهل الشام ... وصفوا اللجين وصفوا الذهب