وأعجب به جذيمة وزاد حبه له فصاغ له طوقاً من فضة فكان أول عربي لبس طوقاً، ولذلك فيل له: عمرو ذم الطوق. فلما أستطارته الجن وظف به القضاعيان نديما جذيمة المقدم ذكرهما في هذا الكتاب وأتياه به، أنكره لسوء حاله. فقال له: أيها الملك إن في دون ما أصابه من الضر ما يغير حاله، فقال: لقد ذهب يوم ذهب وعليه طوق فما تزال صورته عن عيني. ثم بعث به إلى أمه فتأملته فعلافته فاصلحت من حاله والبسته طوقاً مثل طوقه الاول، فردته إليه فرآه في الصورة الأولى التي فارقه عليها وعرف شمائله، وقد كان كبر وبلغ فقال شب عمرو عن الطوق، فذهبت مثلاً. فكيف يقاس ملك لما زاد حبه لولده وأجب به صاغ له طوقاً من فضة بملك له من الجند والموالي من لا يرضى بأن تكون حلية مراكبه من فضة حتى يتخذها ذهباً، وربما كللها جواهراً وفي الصبيان من مواليه من يتخذ لكلبه قلائد الفضة وحلل الديباج.
وروى أبو الفرج الاصبهاني عن المفضل الضبي في حديث طويل: أن عدي بن زيد العبادي لما قدم الحيرة لأشخاص ولد المنذر إلى باب كسرى ليولي أحدهم مكان أبنه كان هواه مع النعمان وميله اليه من بينهم، فوجده لا مال عنده ولا أثاث. فقال له: كيف أصنع بك ولا مال عندك يصلح به أمرك وتستعين به على باب كسرى. فقال ما أعرف لنفسي حيلة إلا ما تعرفه. فقال: قم بنا نمضي إلى فردوس، وهو رجل من أهل الحيرة يستقرضان