فعاد بنو دارم لقاحاً لعمرو بن هند بقية أيام ملكه الى إن هلك.
وليس في هذه الحكاية ما يدل على عظم جيوشه وقوه جنود، بل فيها ما يدل على ضد ذلك لان بني دارم قبيلة واحدة من بني تميم، أقاموا بازائه بالغرابة وقد تجهز اليهم محتشدا بكتائبه ومن أستنجد به من العرب الذين كانوا في طاعته ولم يبق خلفه بقية، يريد إن يبر قسمه ويقتل منهم مائة بأخيه بزعمه فلم يقدر على الاقدام عليهم مع هذا الحال. وأقاموا بأزائه لا يقدمون عليه، وأستنجدوا قومهم طمعاً بقهره فلم ينجدوهم، وهذه مماثلة منهم له ومقاواة، وعلى هذا القياس أذ كانت بنو دارم خاصة وأوقفوه وأمتنعوا عليه، وضعف عن الاقدام عليهم، فلو إن قومهم أنجدوهم أو بعضهم لا صطلموه، وليس في التقاطه نساء منقطعات عن فريق مرتحل وتحريقهم ما يقضي على طول يده الى الحد الذي يسبق اليه ظن الظان إنه لو طمع بالظفر بالرجال ما أحتمل العار بتحريق النساء، لان هذا من أذم الافعال عند العرب. ثم في حديث أسعد بن المنذر وقتله على الوجه الذي قتل عليه، وعما خبره عن أبنه وأخيه وأوضح دليل على ما أردنا من الغرض المقصود في أيضاح كونهم دون الطبقة التي تدعى لهم في كل أحوال ملكهم عن شأن الملوك بكثير. هذا أسعد بن المنذر يشتد به الجوع ويحتمل الضر على عقر بكرة لاعرابي سيء الحال ليأكل هو ومن كان معه ممن خرج للصيد، ويقول لهم إن أخففتم من الصيد لم تخفقوا من اللحم. وهذا يدل على إنه أنما خرج يطلب الصيد ليسد به