للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبرويز تلك الصفة يوماً وزيد بن عدي حاضر فاغتنم الفرصة من النعمان لقتله أباه فقال له: إن عند عبدك النعمان بن المنذر عدة من بناته وأخوا ته ونساء أهل بيته بهذه الصفة، فقال أكتب إليه لحملهن. فقال: إن العرب يتكرمون في أنفسهم فيما يزعمون عن العجم، ويختارون العري والجوع والحر والسموم على الرياض والخصب وطيب أرض الملك ويسونها الحبس، وإن كتبت إليه مع من لا يعرف النساء غيبهن عن عينيه وعرض عليه غيرهن، وإن مضيت بنفسي لم يقدر على ذلك، فأبعثني وأبعث معي رجلا يفهم العربية حتى أبلغ ما تحب. فارسله وأرسل معه رجلا من الفرس يكسر بالعربية فجعل زيد: يكرم الرجل في طريقه ويلاطفه حتى غلب عليه، فلما دخلا على النعمان قال له زيد: إن الملك قد أحتاج إلى نساء لنفسه وولده وأراد إكرامك بصهره. فقال النعمان: أما وجد في مها السواد وعين فارس ما يكتفي به؟ فقال الفارسي لزيد: ما المها والعين؟ قال: كوان - أي البقر - فامسك الرسول. وقال زيد للنعمان: إنما أراد كرامتك، ولو علم إن ذلك يشق عليك ما طلبه منك. وكتب النعمان إلى كسرى: إن هذه الصفة ليست عندي وقال لزيد أعذرني عنده فوعده بذاك، ورجع زيد ورفيقه إلى كسرى. فلما دخلا عليه قال لزيد: أين ما ذكرت؟ قال: ليسأل الملك هذا الرجل فأني أكره إن القاه بالجواب. فقال الفارسي: قال لنا ما كان في بقر السواد وفارس ما يكتفي به الملك، فعرف الغضب في وجه كسرى وقال: رب عبد أراد ما هو أشد من هذا، ثم صار أمره إلى الثبات ولم يزد على ذلك. وبلغت هذه الكلمات النعمان فاستوحش.

<<  <   >  >>