ثم إن أياز التركي شاقق غياث الدنيا والدين رضي الله عنه بابن أخيه ملكشاه بن بركيارق، ودخل به بغداد، واستولى عليها وعلى بلاد الجبل وغيرها، وبدل سيف الآلف حكمه في البلاد ومن كل ما يفرحه فلم يجبه ألف ذلك ولا أنحرف عن خدمة غياث الدنيا والدين، ولا نقض عهده ولا مال عنه وأبوكم أستبدل به وبطاعته، بل أنجده بنفسه وظاهره بعسكره وجنده حتى دخل أياز في طاعته كرها، وأنقاد له غصبا فبلغ فيه مراده، ونال منه مرامه، وفي ذلك أقول من قصيدة ذكرت فيها سيرته:
وشاد ركنا لركن أسسه ... في الملك لولا انتقاص الملك لم يجب
ثم استغاث غياث الدين منه بذي ... بسالةٍ عنه لم تبد ولم تغب
على أياز وقد أبدى الشقاق له ... فصار صيروره منه ألف العطب
ومنها إن أمير المؤمنين المستظهر بالله رضي الله عنه تولدت بينه وبين السلطان بركيارق رضي الله عنه منافرة ووحشة ما، وخطر بالبال الشريف الامامي المستظهري عند الضجر إنه ربما أوجبت الحال الخروج عن بغداد، فلم تسكن النفس الشريفة الأمامية أبوكم الامتناع، ولم يعول في ذلك أبوكم عليه، ولم ير غيره أهلا إن لقربه ولا لان يامنه على خدمته ولا تطمئن الامتناع في القيام بشيء من أمره فأحضره مجالس العز الشريفة، وشرفه بلقاء مواجهة، والخطاب مشافهة، فكان مما جرى على اللفظ الشريف، (وأتوني بأهلكم أجمعين) وقرر معه ما أراد تقريره من ذلك ورتب ما وجب ترتيبه من القوانين