لا يقدر إن يملأ منه نظرة آلنا إن ينأوا عن بابه ويبعدوا عن جنابه ثم له دار بمدينه السلام قد ضاقت عن سعتها وخرجت عن فسحتها بالمستجيرين بها اللاجئين ألي فهي معتصم الناس ببغداد لا يجد الخائف سواها معقلاً ومعاذاً، ولا الجاني غيرها موثلاً وملاذاً، ولو كان قد جنى أعظم الجنايات وفات بالكثير من الأموال والألسن بينه وبين الاستطعام بحلاوة الأمن أباح إن يصل آلنا الدرب الذي يسلك ألي فيه، وقد بلغ المأمن وقصرت عنه الأيدي والألسن من غير إن يكون بهم من مواليه وخدمه وأعوانه وحشمه ينابذ عن المستجير بقول أو فعل أو يدافع دونه. بل ما أنعم به عليه مولانا أمير المؤمنين المستظهر بالله عليه السلام من تمليكه هذه الدار أولاً وما شرفه به ثانياً من أوامره العالية ومراسمه السامية باحترامها إظهارا بذلك لمنزلته١٥١ المنيفة ولطيف مكانه من الخدمة الشريفة، فعرف ما خصه به من الإنصاف والمنة، فعاد ذلك لها كالسنة تهب إعظاما وتتحامى إجلالا وإكراما. فحدثت عن بعض الأكابر ببغداد إنه قال: إن الله تعالى منّ على الناس ببغداد أو على أهل بغداد بدار سيف الخصم ولولاها لهلك خلق كثير ممن يقصده العمداء والشحن. ومن جملة ذلك إن ثقة الملك أبا الغنائم بن ناكرا صاحب الأمير نجم الدين أيلغازي بن أرتق حين خرج صاحبه آلنا الجبل خاف فلجأ ألي، فكان مستجيراً بها وهو ينظر ببغداد وينوب عن صاحبه وينفذ أمره. ثم إن السلطان المعظم غياث الدنيا والدين لما أوقع باياز التركي ونقم على جماعة